النبي يحيى عليه السلام

يحيى بن زكريا -عليهما السلام- أحدُ أنبياء الله تعالى إلى بني إسرائيل وينتهي نسبُه إلى نبي الله يعقوب،

وهو ابنُ خالة عيسى -عليه السلام- إذ وُلد قبلَه بثلاثة أشهر وقيلَ ثلاث سنواتٍ، وقد تولى الله -سبحانه- تسميته بنفسه إذ كان -عليه السلام- أولَ من حمل اسم يحيى من البشر،

ولم يترك أمر تسميته لوالديْه بعد أن زفّت الملائكة البشرى لزكريا -عليه السلام- بقدوم هذا المولود

الذي سيحمل أنبل الصفات الأخلاقيّة بعد دعاءٍ مستفيضٍ وإلحاحٍ شديدٍ من زكريا على الله أن يرزقه الذرية،

وهذا المقال يسلط الضوء على قصة سيدنا يحيى -عليه السلام-.

قصة سيدنا يحيى عليه السلام

كانت بداية قصة سيدنا يحيى -عليه السلام- من الدعاء الطويل الذي واظب زكريا -عليه السلام- عليه كي يرزقه الله -سبحانه- بالذرية الصالحة

قال تعالى: “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَاتَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”،

وبعدَ أنْ بلغ الكِبر مبلغه من زكريا وزوجته ويَأسا من نعمة الولد وإحتماليّة الإنجاب جاءته البشرى من الله تعالى بقدوم الغلام الذي سيحمل اسمًا لم يسبق إليه أحد وهو يحيى،

وقد ذكر أهل العلم جانبًا من طفولته المختلفة عن باقي الأطفال إذ كان جادًّا لا يُحب اللهو واللعب ويرفق بالحيوانات

ويسعى إلى إطعامها من طعامه الخاصّ إلى جانب حبه للقراءة والتعلُّم في مجالات القضاء والشريعة،

وكلما تقدم به العمر زاد علمًا وحكمةً وفهمًا وحنانًا ورفقًا حتى جاءه الأمر الإلهيّ بدعوة بني إسرائيل إلى عبادة الله ونبذ ما سواه،

فوقف في الناس يُخبرهم بذلك وبوجوب الصلاة والزكاة والصيام.

وكانتْ نهاية قصة سيدنا يحيى – عليه السلام- بدأت من بعد مواجهته مع أحد ملوك بني إسرائيل الذي رغب في الزواج من ابنة أخيه التي عُرف عنها الفجور والرغبة والطع في المُلك والثروة؛

فقرروا عرض المال على يحيى -عليه السلام- كي يأذن للملِك بهذا الزواج المُحرَّم،

لكنه رفض وأعلن للملأ تحريم زواج الفتاة من عمها، وفي واحدةٍ من ليالي السهر تودد الملِك إلى ابنة أخيه؛

فتمنعت وطلبت منه الزواج، فأخبرها برفض يحيى -عليه السلام-، فطلبت منه رأس يحيى مهرًا لها بعد أن أغرته إغراءً شديدًا،

فأرسل جنوده إلى النبي يحيى وهو قائمٌ يصلي في المحراب، فقتلوه وقدموا رأسه للملِك الذي قدمه بدوره إلى الفتاة، وتزوّجا.

مضامين قصة سيدنا يحيى عليه السلام

تضمّنت قصة سيدنا يحيى -عليه السلام- عدّة معانٍ ومضامين على المسلم أخذها بعين الاعتبار والاستفادة منها

والتي تبدأ من دعاء زكريا -عليه السلام- حتى مقتل يحيى -عليه السلام-  وهو الذي قال فيه الرسول الكريم:

“لا ينبغي لأحدٍ أن يقولَ أنا خيرٌ من يحيى بنِ زكريّا ما همَّ بخطيئةٍ أحسبُه قال ولا عمِلها” ، وتضمّنت ما يأتي:

استحباب الإلحاح على الله في الدّعاء وعدم اليأس من الاستجابة وإن تأخّرت.

وجوب الإتصاف بمكارم الأخلاق والحرص عليها، وأخذها على محمل الجدّ والمسؤولية كبرِّ الوالديْن والرحمة والشفقة والإحسان والعفة والتقوى والصلاح.

إنكار المُنكر أمرٌ ضروريٌّ كي يستقيمَ الحقّ مهما كانت شخصية مرتكبه أو سطوته وعدم الخوف في الله لومة لائمٍ.

يحيى -عليه السلام- دفع حياته ثمنًا لإحقاق الحق وتعاليم الشريعة والنهي عن ارتكاب الفواحش.

ذِكر صفات النبيّ يحيى

والتي أكرمه الله بها وهي: الجد والاجتهاد في فهم تعاليم التوراة، والحكمة، والحنان والرأفة والشفقة،

والطهارة من الذنوب، والتقوى، وبر والديْه، والبعد عن التكبر والجبروت والعصيان، والتعفف عن الشهوات والفواحش، والصلاح.

مواضع ذكر النبي يحيى في القرآن الكريم

جاء القرآن الكريم على ذِكر نبيّ الله يحيى -عليه السلام- خمس مراتٍ في أربع سورٍ من سُور القرآن الكريم،

قال تعالى:”فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ” ،

وقال تعالى: “وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ” ،

وجاء ذكره مرتين في سورة مريم أولهما:”يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا”

وثانيهما قوله تعالى: “يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا” ،

وقال تعالى:”فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *