إذا كانت الزيت مستخرجةً من الحية حقيقة، فإنَّ الحية كالفأرة والحشرات معدودةٌ من الحيوانات المستخبثة المستقذرة يحرم أكلها

بالإجماع، وكذا التداوي بها، لقوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، جريًا على قاعدة: «التَّحْرِيمُ يَتْبَعُ

الخُبْثَ وَالضَّرَرَ»، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين، فمن أكلها مستحلاًّ لذلك فإنه

يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن اعتقد التحريم وأكلها فإنه فاسق عاص لله ورسوله»(١).

هذا، وإذا ما حُرِّم ملابسته كالنجاسات حُرِّم أكله والانتفاع به بالدُّهن والتداوي، و«إِذَا حَرَّمَ اللهُ الانْتِفَاعَ بِشَيْءٍ حَرَّمَ الاعْتِيَاضَ عَنْ تِلْكَ

المَنْفَعَةِ»(٢)، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فبَاعُوها وأَكَلُوا أثمَانَها، وإِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ

على قوم أكل شيء حَرَّمَ عليهم ثَمَنَهُ»(٣).

أمَّا إذا أضيفت الزيت إلى الحية من باب التسمية لا الحقيقة بأن تكون مستخرجةً من عموم الطيِّبات كالزيوت النباتية أو الحيوانية

الطاهرة التي لا مضرَّة فيها فيجوز الانتفاع بها في التغذية والتداوي والادهان والبيع، لقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ

الطَّيِّبَاتُ﴾ [المائدة: ٤]، ويجوز الاستعانة بها على الطاعة دون المعصية، لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ

فِيمَا طَعِمُواْ﴾ [المائدة: ٩٣]، مع الشكر عليها لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر: ٨]، أي: عن الشكر عليه.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين

، وسَلَّم تسليمًا.