اعْلَمْ أنَّ رؤيةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المَنامِ إذا وافقَتْ صفتَه التي كان عليها في الدنيا فقَدْ رأى الحقَّ؛ لقوله صلَّى اللهُ عليه
وسلَّم: «مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِي»(١)، وفي روايةٍ: «مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ»(٢)؛ ذلك لأنَّ رؤيتَه صلَّ1
ى اللهُ عليه وسلَّم في النومِ لا تكون حقًّا إلَّا إذا طابقَتْ صِفَتَه المعلومةَ في شمائلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإِنْ لم تَكُنْ على وجهِ
المُوافَقَةِ فما هي إلَّا أضغاثُ أحلامٍ ومِنْ تَلاعُبِ الشيطانِ بابنِ آدَمَ؛ إذِ الشيطانُ يَتمثَّلُ في صورةٍ أخرى يُخَيِّلُ ـ للرائي الجاهلِ بصفتِه
التي كان عليها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ أنها صورةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وليسَتْ كذلك؛ ولهذا «كان محمَّدٌ ـ يعني: ابنَ سيرين
رحمه الله ـ إذا قصَّ عليه رجلٌ أنه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «صِفْ لي الذي رأيتَه»، فإِنْ وَصَفَ له صفةً لا يعرفها قال: «لم
تَرَهُ»»(٣)، وبهذا المقياسِ يُعْلَمُ مَنْ رأى رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ حَقًّا ـ ممَّنْ يُخيِّلُ إليه الشيطانُ رؤيتَه