أرجحُ الأقوال في عورة المرأة المسلمة مع المحارم والنِّساء المسلمات جوازُ كشفها للزينة الخفيَّة المتمثِّلة في: أسفل الساقين واليدين

بما في ذلك الساعد والعضد والرأس، وغيرها من المواضع التي تتحلَّى فيها المرأة بزينتها وتحتاج إلى إبدائه إذا اجتمعت بهنَّ، لقوله

تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ

أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: ٣١]، فهؤلاء يجوز للمرأة أن تكشف أمامهم شيئًا من زينتها الخفيَّة، لكن لكلٍّ منهم حدٌّ مُعيَّن، ويدلُّ عليه حديث أنس

بن مالكٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ثَوْبٌ، إِذَا

قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ

بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلاَمُكِ»(١)، أمَّا ما عدا ذلك من زينتها الخفيَّة: كالبطن والظهر فالأحوط سترُه ولا حاجة في كشفه إلاَّ المقدار

السابق الذي في ستره مشقَّةٌ، والمشقَّة مدفوعةٌ بالنصِّ الشرعيِّ في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٨]، وقوله

تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، وغيرها

من الآيات المبيَّنات، وممَّا يدلُّ على الاحتياط من جهةٍ، ومرجوحية قول الجمهور القائلين بأنَّ عورة المرأة أمام النساء المسلمات ما بين

السرَّة إلى الركبة، والأحناف الذين أضافوا الركبةَ إلى العورة، وكذا ابن حزمٍ الذي قصر عورتَها أمام المسلمات في القُبل والدُّبر، من جهةٍ

أخرى هو قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا»(٢)، والحديث ينهى عن الفعل المُوقِع

للزوج في الإعجاب بالوصف المذكور له، والمفضي إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة، لذلك ينبغي الاحتياط فيما لا حاجة

إلى كشفه سدًّا لذريعة الفتنة.