السؤال : ما معنى قوله سبحانه عن الذى يدخل النار ” ثم لا يموت فيها ولا يحيا “؟
الجواب : يقول الله سبحانه {فذكر إن نفعت الذكرى. سيذكر من يخشى. ويتجنبها الأشقى. الذى يصلى النار الكبرى. ثم لا يموت فيها ولا يحيا} الأعلى: 9 -13.
المراد بالأشقى فى هذه الآية هو الكافر الذى لا يستفيد من الدعوة وسيدخله الله نارا كبرى يستمر عذابه فيها ولا ينقطع أبدا. وعلى الرغم من شدة النار التى وقودها الناس والحجارة لن يموت، كما قال سبحانه: {فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} هود: 106،107.
وكما قال فى كيفية العذاب لهم {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدَّلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب} النساء:
56.
ويتمنى الكافرون أن يخرجوا من النار، ولكن لا يجابون لما يتمنون. قال تعالى {إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون. لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين. ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال أنكم ماكثون} الزخرف: 74 -77، ومالك هو خازن النار.
وإذا كان الكافر لا يموت فى النار فلابد أن يحيا، لكن الآية تنفى عنه الحياة حيث تقول {لا يموت فيها ولا يحيا} فكيف يكون الكافر غير ميت وغير حى فى وقت واحد؟ .
قال العلماء: المراد بقوله تعالى {ولا يحيا} لا يحيا حياة طيبة، فالثابت له عدم الموت، والمنفى عنه هو الحياة الطيبة، فهو حى معذَّب شقى وذلك على مثال قول الشاعر:
ألا ما لنفس لا تموت فينقضى * عناها ولا تحيا حياة لها طعم.
وإذا كانت دقائق العذاب لا تعرف إلا بالنص الصحيح فإن لعصاة المؤمنين أملا فى أن يكون عذاب النار هينا عليهم فى درجة خاصة بهم، يأخذون قسطهم من العذاب فى شبه موت حتى يأذن الله بخروجهم من النار.، كما جاء فى صحيح مسلم أن الموحدين من المؤمنين إذا دخلوا جهنم احترقوا وماتوا إلى أن يشفع فيهم. وبعد إخراج عصاة المؤمنين من النار يكتب الخلود لأهل النار فلا يموتون، كما يكتب الخلود لأهل الجنة فلا يموتون. جاء تصوير ذلك فى رواية للبخارى ومسلم تمثل قضاء الله على الموت بصورة كبش يذبح ثم ينادى (يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت) .
وإذا كنا ندعو الله أن يجيرنا من النار ويدخلنا الجنة فليكن مع الدعاء عمل صالح كما قاله سبحانه فى المتخاصمين المتجادلين:
أيهم تكون لهم الجنة {ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} النساء:
123،124.
وحتى ننشط لعمل الخير نذكر ما رواه مسلم عن ثواب أدنى أهل الجنة منزلة، وهو آخر من يدخلها وآخر من يخرج من النار، أن الله سبحانه يقول له “أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب فيقول له: لك مثله وعشرة أمثاله ” ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم