ماتا هاري هي راقصة وفتاة ليل هولندية أصبحت أشهر جاسوسة في التاريخ الحديث وكان نشاطها خلال الحرب العالمية الأولى قبل أن يتم اكتشاف أمرها وإعدامها.
اسمها الحقيقي مارجاريتا جِرترودا “جريتشي” زيلي، أطلق عليها لقب جاسوسة الجاسوسات حيث أوقعت كبار السادة في هواها وغوايتها وقد مثلت دورها جميلات السينما من جريتا جاربو إلى مارلين ديتريتش إلى فرانسواز فابيان.
ولدت ماتا هاري في هولندا عام 1876 وتزوجت وأنجبت وهي في سن التاسعة عشر وكان انتقالها مع زوجها الضابط إلى جاوة في إندونيسيا بداية التحول في حياتها فقد انبهرت إلى حد بعيد بالشرق وعالمه الغريب عليها.
انجذبت للرقص الشرقي الذي تعلمته وأتقنته وتحولت إلى راقصة شرقية بعد موت ابنها الصغير وانصراف زوجها عنها، فانخرطت في مجتمعات سومطرة وجاوة، وحفظت أسلوب المرأة الشرقية في إبراز أنوثتها والتأكيد عليها وساعدها إتقانها الرقص على ذلك.
تركت زوجها مع طفلتها وانطلقت لحياتها فوصلت باريس عام 1903 لكنها فشلت في الرقص، وعوملت كامرأة للبيع وبدلا من الاستسلام، تخلت عن شخصيتها الأوروبية وتقمصت شخصية أميرة، ثم راقصة من الشرق وعادت إلى باريس باسم ماتا هاري.
وقعت في حب ملازم ألماني، تركت من أجله الرقص والمجتمعات الصاخبة، لكنه أهملها وهجرها بعد عامين فقط، فانتقمت منه في شخص رجل مال فرنسي دمرت حياته.
حين وقعت الحرب العالمية الأولى ودخلت ألمانيا الحرب، كانت ماتا هاري مفلسة وفاشلة وفي منتصف الثلاثينات، عادت إلى وطنها هولندا لتجد أمامها قنصل ألمانيا، يوهمها بأنه ما زال يعيش في جو أسطورتها القديمة ومسارح باريس، وتم تجنيدها على يده ضد الفرنسيين.
كانت ماتاهاري تستخدم أسلوب شفرة شديدة التعقيد في مراسلة عملاء ألمانيا خارج فرنسا أسلوب يصعب فك رموزه وحله وثارت ثائرة رجال الأمن عند هذه النقطة ودب الخلاف والشقاق بينهم .
كان بعضهم يرى ضرورة إلقاء القبض على ماتاهاري قبل أن تنقل إلى الألمان أسرار مخيفة قد تؤدي إلى هزيمة فرنسا في حين يرى البعض الآخر أن إلقاء القبض عليها دون دليل ينذرها بشكوكهم دون أن يكفي لإدانتها، وبالفعل تم إلقاء القبض على ماتاهاري عام 1916 م ومحاكمتها بتهمة الجاسوسية.
أنكرت ماتاهاري التهمة بشدة واستنكرتها وبدلا من أن تنتهي المحاكمة بإدانة ماتاهاري بتهمة الجاسوسية انتهت باتفاق بينها وبين الفرنسيين للعمل لحسابهم والحصول على أية معلومات سرية لهم نظرا لعلاقاتها القوية بعدد من العسكريين والسياسيين الألمان.
وافق الفرنسيون وأرسلوا ماتاهاري بالفعل إلى مهمة سرية في بلجيكا حيث التقت ببعض العملاء السريين الفرنسيين هناك وقدمت لهم العديد من الخدمات النافعة ونقلت ماتاهاري بالفعل عددا من الأسرار الألمانية للفرنسيين ولكن الألمان أوقعوا بها انتقاما.
أرسل الألمان لها خطابات مشفرة، مستخدمين شفرة يفهمها الفرنسيون جيدا مما جعل الفرنسيون يلقون القبض على ماتاهاري مرة ثانية بتهمة التجسس مع وجود الخطابات كدليل هذه المرة، وتمت محاكمتها في باريس.
أعدمت ماتا هاري رميا بالرصاص عام 1917 قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى دون أن تعرف بالضبط حقيقة جريمتها وبعد 100 عام على إعدامها أفرجت وزارة الدفاع الفرنسية عن وثائق جديدة تتعلق بهذه السيدة، وتتضمن محاضر استجوابها على يد محققي مكافحة التجسس في فرنسا عام 1917.