ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه السائل: “ما حكم حمل المتوفاة لغير المحارم؟”
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قائلًا إن حمل المتوفى يقصد به أنه عقب صلاة الجنازة يحمل الميت ثلاثة أو أربعة أو نحوه حسب اتجاهات حمل الخشبة، حتى توضع في السيارة أو تصل لباب القبر.
وأوضح شلبي أن هذا الحمل يجوز أن يفعله أي شخص المهم أن يكون قادرا على الحمل، بحيث يحافظ على الميت ولا يعرضه لأي امتهان ولا شيء من هذا القبيل، وأكد شلبي أن أي شخص يستطيع أن يحمل المتوفى على الخشبة يجوز له أن يفعل ذلك ولا توجد في ذلك أي مشكلة.
وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن الأولى أن يتولى دفن المرأة محارمها من الرجال وأولادهم بما في ذلك الزوج، قائلًا أنه إن غاب هؤلاء فيجوز أن يدفنها الأجنبي الصالح، وروي ما قيل عن أن امرأة عمر – رضي الله تعالى- عنهما لما توفيت قال لأهلها: أنتم أحق بها.
وأكد جمعة أنه لا حاجة ليفعل النساء ذلك في حالة غياب محارمها لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين ماتت ابنته أمر ابا طلحة فنزل في قبر ابنته وهو أجنبي حسب ما ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
الحديث :
شهدنا بنتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، قال: فرأيت عينيه تدمعان، قال: فقال: هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل قال: فنزل في قبرها.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1285 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث :
للميت أحكام في التغسيل والتكفين والدفن، ومن ذلك أن يليه في كل هذه الأمور المأمونون من الناس؛ ليستروا عليه أمره وما يرونه، وللنساء حرمة خاصة، فيليهن من اتصف بزيادة التقوى.
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن بنتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت، قيل: هي أم كلثوم زوجة عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد شهد دفنها ومعه جمع من أصحابه، وكان صلى الله عليه وسلم جالسا على جانب القبر وعيناه تدمعان، ثم سأل أصحابه الحاضرين: هل منكم من رجل لم يقارف، يعني: لم يجامع امرأته الليلة؟ وقيل: لم يرتكب ويكتسب ذنبا، كما قال الله تعالى: {وليقترفوا} {الأنعام: 113]، فقال أبو طلحة رضي الله عنه: أنا، فقال له صلى الله عليه وسلم: فانزل وتول دفنها في قبرها، فنزل في قبرها؛ وقد كان أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه هو الذي يحفر لأهل المدينة ويدفن في اللحد؛ فهو من أهل الخبرة في الدفن، والأولى بنزول قبر المرأة وتولي دفنها هو الأعرف بطريقة الدفن، سواء كان من محارمها أو من غير محارمها. وقيل: أولى الناس بإدخال المرأة قبرها محرمها، وهو من كان يحل له النظر إليها في حياتها, ولها السفر معه؛ لما رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد الرحمن بن أبزى، قال: «صليت مع عمر رضي الله عنه على زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم فكبر أربعا، ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: من يدخلها قبرها؟ وكان عمر رضي الله عنه يعجبه أن يدخلها قبرها، فأرسلن إليه رضي الله عنهن: يدخلها قبرها من كان يراها في حياتها، قال: صدقن»، فإن لم يكن لها محارم أو وجدوا إلا أن بهم مانعا جاز أن ينزلها الأجنبي كما في هذا الحديث.
وفي الحديث: بكاء النبي صلى الله عليه وسلم حزنا على ابنته، وتلك رحمة.
وفيه: أن الأجانب المستوين في الصفات يقدم منهم من بعد عهده بالجماع.
وفيه: إدخال الرجال المرأة قبرها؛ لكونهم أقوى على ذلك من النساء، ولتجنب النساء مثل هذه المواطن.
وفيه: مشروعية الجلوس على شفير القبر عند الدفن.