منذ بداية الخليقة والإنسان يتساءل عن النهاية: متى تكون؟ وكيف ستقع؟ وما العلامات التي ستسبقها؟ لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعلامات صغرى ظهرت وتظهر تباعًا، وعلامات كبرى إذا وقعت فلا مجال للتوبة ولا للرجوع، لأنها إيذان بانتهاء الدنيا وبدء الحساب.
علامات الساعة الكبرى ليست مجرد أحداث عابرة، بل تحولات كونية عظمى تهزّ الأرض والسماء والإنسان، وتدل على قرب قيام الساعة التي لا يعلم وقتها إلا الله.
ما هي علامات الساعة الكبرى؟
اتفق العلماء على أن علامات الساعة الكبرى عشر، تظهر متتابعة كعقد انفرطت حباله. وإذا ظهرت إحداها، تتوالى البقية بسرعة مذهلة، فلا يُمهل الناس بعدها للتوبة أو العودة.
هذه العلامات هي: المسيح الدجال، نزول عيسى عليه السلام، خروج يأجوج ومأجوج، الدخان، الدابة، طلوع الشمس من مغربها، ثلاثة خسوفات (خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب)، ونار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم.
1- خروج المسيح الدجال
أعظم فتنة عرفتها البشرية منذ خلق آدم، وصفه النبي ﷺ بأنه أعور، مكتوب بين عينيه “كافر”، يخرج في زمن قحط فيدّعي الربوبية، ويجري الله على يديه فتنًا عظيمة؛ فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت، لكنه كاذب. يمكث أربعين يومًا، ثم يقتله عيسى عليه السلام في فلسطين.
2- نزول عيسى ابن مريم عليه السلام
ينزل عيسى عليه السلام عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه تقطر منه قطرات، وإذا رفعه تساقط منه كالجمان. ينزل ليكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويحكم بالعدل، ويقتل الدجال بباب لُدّ بفلسطين.
3- خروج يأجوج ومأجوج
أمتان عظيمتان لا يُحصى عددهما، يفسدون في الأرض إذا خرجوا، ويعيثون فسادًا لا يطاق. يحاصرون المؤمنين حتى يلجؤوا إلى الدعاء، فيرسل الله عليهم النغف (دودة صغيرة) في رقابهم فيهلكون جميعًا في ليلة واحدة.
4- الدخان
قال الله تعالى:
﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ﴾ [الدخان: 10].
هو دخان يغشى الأرض كلها، فيأخذ الكافر كأشد ما يكون من العذاب، ويصيب المؤمن مثل الزكام.
5- الدابة
تخرج من الأرض، تكلم الناس وتُفرّق بين المؤمن والكافر، فتخطم المؤمن بعلامة بيضاء تشرق معها وجهه، وتخطم الكافر بعلامة سوداء تغشى وجهه.
6- طلوع الشمس من مغربها
حين يأذن الله للشمس أن تشرق من الغرب بدل المشرق، يُغلق باب التوبة، فلا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل. هذه العلامة من أوضح وأخطر العلامات، إذ يراها كل البشر عيانًا.
7- الخسوفات الثلاثة
ثلاثة أحداث كونية عظيمة تقع: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وهذه الخسوفات تبتلع الأرض ومن عليها، فتكون آية مزلزلة للبشرية.
8- النار التي تحشر الناس
آخر العلامات الكبرى، نار تخرج من قعر عدن باليمن، تسوق الناس جميعًا إلى أرض المحشر، فلا يترك أحدًا إلا جمعته.
الحكمة من علامات الساعة الكبرى
قد يتساءل البعض: لماذا جعل الله لهذه النهاية علامات كبرى مهولة؟
الحكمة أنها إنذار أخير للبشرية، وتأكيد على أن الدنيا ليست دار قرار. هي رسائل ربانية توضح للناس أن الساعة قريبة، وأن مصيرهم الحقيقي يبدأ بعدها، ليزداد المؤمن يقينًا، ويزداد الغافل حسرة.
علاقتنا بهذه العلامات
مع أننا لم نشهد بعد العلامات الكبرى، إلا أن الإيمان بها جزء من عقيدة المسلم، فهي من الغيب الذي أخبرنا به النبي ﷺ. وهذا الإيمان يجعل المسلم أكثر يقظة، وأكثر استعدادًا بلقاء الله، لأنه يدرك أن الدنيا زائلة وأن الساعة آتية لا ريب فيها.
دروس وعِبَر
اليقين بالآخرة: أحداث الساعة الكبرى تذكير أن الحياة ليست عبثًا.
خطر الفتن: أعظمها فتنة الدجال، لذا أمرنا النبي ﷺ بالاستعاذة منه في كل صلاة.
رحمة الله: نزول عيسى وقتل الدجال دليل على أن الله ينصر أولياءه.
المصير المحتوم: مهما اختلفت حياة البشر، النهاية واحدة: الحشر بين يدي الله.
الخاتمة
إن علامات الساعة الكبرى ليست قصصًا للتسلية، بل حقائق غيبية يجب أن تُحيي في قلوبنا الخشية واليقين، وتدفعنا إلى التوبة والعمل الصالح قبل أن يفوت الأوان. وما أجمل أن يعيش المسلم حياته مستعدًا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
✦ مع موقعك tslia.com ابقَ دائمًا على صلة بالمعرفة والإيمان، ولا تؤجّل التوبة فالغد قد لا يأتي.