كانت هذه الصحابية هي السباقة والأولى في مواقف عديدة ، حتى حظيت بشرف تكفين رسول الله لها بقميصه ، واضطجع في قبرها أيضا .

فكانت ثاني من أسلم من النساء ، والحادية عشر من المسلمين ، وهي أول من بايع النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد نزول آية ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ” .

هذه الصحابية الجليلة هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، زوجة عم النبي -صلى الله عليه وسلم – أبو طالب ، وأم الخليفة علي بن أبي طالب ، وأم جعفر الطيار الذي استشهد في مؤتة .
وكان – صلى الله عليه وسلم ، يحبها جدا ، وقد كانت بمثابة أمه ، حيث كانت ترعاه عندما نشأ وترعرع في بيتها و بين أبنائها ، وكانت شديدة الإحسان إليه .
ولما وافتها المنية ، وخرجت الروح إلى بارئها ، كفنها الرسول – صلى الله عليه وسلم – بقميصه ، واضطجع في قبرها ، فتعجب الصحابة لأمره ، وسألوه عن ذلك ، فهو لم يفعل هذا الفعل مع أحد من قبل .
فأجاب النبي – صلى الله عليه وسلم – ألبستها قميصي ؛ لتلبس من ثياب الجنة ، واضطجعت في قبرها ؛ لأخفف عنها ضغطة القبر .
لأنها كانت من أحسن خلق الله إلي صنيعا بعد أبي طالب .

وجاء في حديث عن أنس بن مالك أنه لما ماتت فاطمة بنت أسد ، دخل عندها الرسول – صلى الله عليه وسلم – وجلس عند رأسها ، وقال : ” رحمك الله يا أمي ، كنت أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعيني ، وتعرين وتكسيني ، و تمنعين نفسك طيبا وتطعميني ، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ” .
وفي الحين الذي كانت تُغَسل به ، وعندما بلغ الماء الذي فيه الكافور ، سكبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بيده .
ودعا لها النبي وهو مضطجع في قبرها . ” الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين “.
ثم صلَ عليها .
وكانت وفاتها في السنة الرابعة للهجرة ، وكان عمرها يقارب 60 عاما ، ودفنت في البقيع .
فلم ينسَ النبي معروف صنيعها في صغره ، حتى حظيت بهذا الشرف عند مماتها .

لا تنسى المشاركه