بعد بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – بدأت الدعوة إلى دين الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، وفي بادئ الأمر أخذت الدعوة بالانتشار بشكل سري فى مكة ، ولكن بعد الجهر كانت قريش تقف فى وجه الدعوة وقفة المعارض الشديد ، وأخدت تدافع عن الوثنية دفاعا مستميتا .

ومن بعد الحروب والغزوات أخذت الأمور والأحداث تصبح جلية أمام مرأى بعض الشباب أصحاب العقول الواعية ، ونظروا من خلال تلك الأحداث إلى الإسلام نظرة محايدة خالية من الشوائب المترسبة في العقول والمعتمدة على عقائد وثنية وتحمل بين طياتها الشرك بالله ، فلذلك أقبل البعض على الإسلام عن قناعة تامة ، وأخذ العديد من الشباب يعلن إسلامه وينضم إلى صفوف الدين الحنيف ، وممن تنبه للأمر ذاك الشاب الذي عرف بوفرة العقل وصدق الإحساس ، فأشرقت نفسه بنور الحقيقة ، ثم انطلق مسرعا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليعلن إسلامه

هو عكاشة بن محصن ، عرف بأنه حليف بنى عبد شمس . وعرف عنه جمال الطلة وحسن المظهر ، والجرأة في الأمور كلها ، ولاقى أذى كبيرا من قريش بسبب إسلامه .

وهاجر الصحابي الجليل عكاشة إلى مدينة رسول الله بعد اشتداد العذاب عليه ، وقد عاش فى المدينة أفضل أيام من عمره إلى جوار إخوانه من المهاجرين و الأنصار وبصحبه النبي الكريم ، وقد كان شديد الشوق لخدمة هذا الدين الحق بأي شكل وأي ثمن.

لذلك جعله النبى – صلى الله عليه وسلم – على رأس سرية الغمر مع أربعين رجلا من المسلمين ، وساروا في طريقهم وحينما وصلوا إلى الغمر وعلم القوم بقدومه إليهم هربوا مسرعين ، فنزل عكاشة ومن معه على موضع مياههم ، ثم أرسل عيونا له ليستطلعوا المكان ، فعرفوا أماكن تواجد ماشية القوم ؛ فغزا الموقع ووجد مائتى بعير ، فأخذها إلى المدينة كغنيمة .

وفي أحد الأيام بينما كان الصحابة ينهلون من فيض علم الرسول ، ويتلقون منه شرائع الإسلام .

أخبرهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم أن سبعينا من أمته سيدخلون الجنة بدون حساب أو عقاب ، وأخذ الصحابة يكثرون على النبي اسألتهم ، وهل سيكونون هم أنفسهم من ذكرهم في حديثه ، أم أبنائهم وذرياتهم ، فبادر عكاشة ليستفسر من النبي إن كان منهم ، فأجابه النبي بنعم ، ثم سأله صحابي آخر بذات السؤال ، ليقول له النبي ” سبقك بها عكاشة ” .

بعد وفاة النبي وارتداد القبائل عن الإسلام ، خرج عكاشة في حروب الردة في جيش خالد بن الوليد الذي كان متوجها لقتال بني أسد .

وحينما وصل خالد بجيشه ، بعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم ليتحسسا أخبار القوم ، فوجدا طليحة بن خويلد وأخوه سلمة ، فقتل طليحة وأخوه عكاشة وثابت قُبيل المعركة ، وكان عمر عُكاشة حينما استشهد 45 عاما .

فكانت حياته ملئى بالجهاد في سبيل الله ، والتضحية من أجل الدين ، والطاعة لله جل وعلا ولرسوله الكريم ، رحل عكاشة بن محصن عن هذه الدنيا الفانية إلى جنات النعيم التي قد وعده بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – .

لا تنسى المشاركه