الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنزول كثير من السور القصار جملة، أمر ثابت معلوم، كسورة الكوثر، والفيل، والنصر، والكافرون، والإخلاص، والمعوذتين، وغير ذلك.
وأما السور الطوال، فقد ورد في بعض الآثار أن السورة التي نزلت دفعة واحدة يتبعها سبعون ألفا من الملائكة، هي سورة الأنعام، كما جاء ذلك في كثير من كتب التفسير، ووردت به بعض الاحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وسورة الأنعام من السور السبع الطوال في القرآن الكريم ، وهي سورة مكية، وترتيبها 55 من حيث النزول حيث نزلت بعد سورة الحجر، وقبل سورة الصافات، وعدد آياتها 165 آية.
سميت بهذا الاسم؛ لورود ذكر الأنعام فيها، تعبيرًا عن أهم ثروات بيئة العرب، وإحدى أهم ما يعتمدون عليه في معايشهم وأعمالهم وبل نزلت سورة الأنعام جملة واحدة؛ ردًّا على المشركين الذين أنكروا البعث والنشور، وطعنوا في نزول القرآن على سيدنا النبي ﷺ، وقالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً }. الفرقان: 32.
فرح سيدنا رسول الله ﷺ بنزول هذه السورة فرحًا شديدًا، وتلقاها بالتهليل، والتسبيح؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ الْأَنْعَامِ سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا سَدَّ الْأُفُقَ». [أخرجه الحاكم.
ومن الأمور المثيرة المتعلقة بظروف نزول سورة الانعام أنها نزلت بمكة ليلًا جملة ، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح لله سبحانه وتعالى، وهذا ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه، كما نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة، وذكر السدي أنَّه قد نزل معها سبعون ألف ملكًا، وفي الحديث عن ابن عبَّاس قال: “نزلَت سورةُ الأنعامِ جُملةً واحِدة بمَكَّةَ حولَها سبعونَ ألفَ ملَكٍ يحفونّها بالتَّسبيحِ.
وفي حديث آخر عن جابر -رضي الله عنه- أنَّه قال: “لَمَّا نزلَتْ سورةُ الأنعامِ سبَّحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وقالَ: لقَد شيَّعَ هذِه السُّورةَ منَ الملائِكةِ ما سدَّ الأُفُق .
والله أعلم