جاءت هذه الكلمة فى موضع واحد من القرآن الكريم هو قوله تعالى: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) (الفيل: 3).الأبابيل: الجماعات الكثيرة المتتابعة. وهى جمع لا واحد لـه من لفظه كما قال الأخفش وأبو عبيدة، وإليه ذهب الجوهرى . وذهب ابن سيده والأزهرى والزجاج إلى أن المفرد منه: إِبِّيل، وإبَّوْل. وعبارة الجوهرى فى الصحاح: «ولم أجد العرب تعرف له واحدًا» تشير إلى ترجيح قول من قال إنه جمع لاواحد له؛ لأن الجوهرى مشافِهٌ للعرب الفصحاء، وهو أكثر علماء اللغة نقلاً عنهم.كما أن اشتراكها فى الجذر مع كلمة (إبل) يشير إلى ملمح الضخامة والكثرة العددية، وهو المعنى المفهوم من سياق سورة الفيل، حيث كانت الطير التى أرسلها الله على أصحاب الفيل كثيرة متتابعة ضخمة لتستطيع رميهم بالحجارة. والمتأمل فى قصة أصحاب الفيل، أبرهة الحبشى وجنوده، يدرك رعاية الله للبقعة المقدسة الطاهرة التى اختارها الله لتكون ملتقى النور، الذى تنبثق منه العقيدة الجديدة، كما يدرك عناية الله بالمخلصين من عباده الذين يتوكلون عليه حق التوكل ويفوضون كل أمورهم إليه، فيحميهم من شر الجبارين، ويقيهم بغى الطغاة.ويوقن المؤمن أن الله سبحانه وتعالى يملى للظالم ليرجع عن ظلمه، وإن تمادى فى غَيِّه وضلاله أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وإذا أخذه لم يفلته، (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102). ويرى بعض المفسرين أن أبرهة وجيشه نتيجة لقصف الطير الأبابيل لهم بالحجارة قد أصيبوا بما يشبه الجدرى والحصبة، فكان المرض يأكل لحومهم ويبريـها عن عظامهم حتى أفناهم، فكان عقابـهم من جنس عملهم، إذ تمادوا فى عدوانـهم حتى أرادوا هدم الكعبة المشـرفة، فحال الله بينهم وبين ذلك.