السؤال :هل كلَّم الله تعالى عبد اللّه بن حرام بدون حجاب ، وهل يتناقض ذلك مع قوله تعالى{وما كان لبشر أن يكلِّمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب} الشورى : 51 ؟
الجواب :عبد اللّه هذا هو عبد اللّه عمرو بن حَرام رضي الله عنه من السابقين الأولين ، ومن أهل العقبة ، ومن أهل بدر ، ومن النقباء ، واستشهد يوم أحد.
وروى البخارى أن ابنه جابرا بكاه شديدا ، ونهاه الصحابة ولكن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينهه عن البكاء ، ولكن قال “ما تبكيه وما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع” .
وروى أبو بكر بن مردويه البيهقى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما استشهد عبد اللّه قال لابنه جابر “مالى أراك مهتما”؟ قال : يا رسول اللّه استشهد أبى وترك دَيْنا وعيالا، فقال “ألا أخبرك ؟ ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وإنه كلم أباك كِفاحا -قال عليُّ : الكفاح :
المواجهة- فقال : سلنى أعطك ، قال : أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية ، فقال الرب عز وجل : إنه سبق القول منى أنهم إليها لا يرجعون . قال : أى رب فأبلغ من ورائى، فأنزل اللّه {ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} آل عمران : 169 .
وفى رواية للبيهقى قال النبى صلى الله عليه وسلم لجابر “شعرت أن الله أحيا أباك فقال : تمن علىَّ عبدى أعطك ” “أسد الغابة مجلد 3 ص 347، تفسير ابن كثير مجلد 2 ص 140 ، 141 ” .
وآية {وما كان لبشر أن يكلِّمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء} سبب نزولها أن اليهود قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم : ألا تكلم اللّه وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر إليه ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم “إن موسى لم ينظر إليه ” .
ومعنى “وحيا” نفثا فى القلب فيكون إلهاما ، ومنه حديث “إن روح القدس نفث فى رُوعى أنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب ” جاء بعبارات متقاربة رواها الحاكم وغيره ، ومن وراء حجاب كما كلم موسى، وإرسال الرسول هو جبريل يكلم الأنبياء .
وحصر كلام الله لغيره فى هذه الأحوال الثلاثة هو فى كلامه فى الدنيا للبشر، أما فى الآخرة فلا مانع أن يكون كلامه لهم مباشرة وكفاحا أى مواجهة، كما حصل مع عبد الله بن عمرو بن حرام ، وكما يحصل من كلام اللّه سبحانه لأهل الجنة حين يقول لهم : “أرضيتم عنى”؟ فليس هناك تناقض بين الآية وكلام ابن حرام