الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الفاحشة؛ فالزنى من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، فهو شر سبيل، وأخبث طريق؛ ولذلك نهى الله تعالى عن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا {الإسراء:32}، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: يقول تعالى ناهيًا عباده عن الزنى، وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة}، أي: ذنبًا عظيمًا {وساء سبيلا} أي: وبئس طريقًا ومسلكًا. انتهى.

ومع ذلك؛ فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه من تاب توبة صادقة، فإن الله يقبل توبته، ويعفو عنه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

وليست كفارة الوقوع في هذه الفاحشة بالزواج بين الزانيين؛ ولكنّ كفارتها بالتوبة الصادقة، وذلك أوّلًا بالإقلاع عنها، مع اجتناب أسبابها، وقطع الطرق الموصلة إليها، والحذر من اتباع خطوات الشيطان.

وثانيًا: بالندم على الوقوع في هذه المعصية الشنيعة.

وثالثًا: بالعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب.

والإكثار من الأعمال الصالحة، والحسنات الماحية، مع الحرص على الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب.

فإذا صحت توبتك، وتوبة الزاني؛ فيجوز له زواجك بعد استبراء رحمك، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا زنت المرأة، لم يحلّ لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين: أحدهما: انقضاء عدتها… والشرط الثاني: أن تتوب من الزنى… وإذا وجد الشرطان حلّ نكاحها للزاني وغيره في قول أكثر أهل العلم. انتهى مختصرًا.

والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *