قصة نبي الرحمة صلى الله عليه و سلم والطفل الذي فقد عصفوره

محمد صلى الله عليه وسلم وعلم النفس التربوي الحديث

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس تواضعًا لله تعالى، ولا يملك من يقرأ سيرته، ويطلع على أخلاقه ومواقفه إلا أن يمتلئ قلبه بمحبته، فالناس مفطورون على محبة المتواضعين وبغض المتكبرين.

ومعلوم لدى التربويين أن الاهتمام والسؤال عن الصغار، ومعرفة أخبارهم، يوجد عندهم الاعتداد بالنفس، ويساعد ذلك في تكوين شخصيتهم، وبلورتها وصقلها، وكذلك يدخل السرور والحب في نفس الطفل وأهله، ويعتبر ذلك سلوكًا تربويًا ودعويًا.

تعامل النبي مع الطفل عمير الذي فقد عصفوره :

وللنبي قصة لطيفة مع “عمير”، هو أبوعمير بن أبي طلحة الأنصاري، واسمه زيد بن سهل، وهو أخو أنس بن مالك لأمه، وأمهما أم سليم، وقد مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كان “أبوعمير” طفل لا يتجاوز عمره ثلاث سنوات، وفي يوم من الأيام زار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك في بيته، فرآه الرسول وفي يده طائرًا يشبه العصفور، فقال له: يا أبا عمير ماذا فعل النُغير؟ فتبسم الطفل الصغير، وبعد أيام جاء الرسول إلى بيت أنس، وسأل كعادته عن الصبي الصغير، فأجابه أنس، أن عصفور أبي عمير قد مات، وأنه حزين جدًا لموت العصفور، فأقبل الرسول مسرعًا إلى الصبي الصغير، وأخذ يواسيه ويخفف عنه حزنه، بعد أن رمى بنفسه في حضن وهو يبكي ويقول: “لقد مات النُغير.. لقد مات”.

موقف النبي صلى الله عيه وسلم الإنساني المؤثر

تخيل ذلك المشهد الأبوي، وارسم في مخيلتك صورة ذهنية عن هذا الموقف الإنساني المؤثر بين النبي الكريم والطفل رقيق الإحساس، ولك أن تتصور وقتها كيف استقبل النبي بكاءه، وهو الرحمة المهداة لكل البشر، فما بالك بالأطفال، وهو الذي ولد يتيمًا، وماتت أمه وهو لا يزال طفلاً صغيرًا، فهو يدرك عن غيره أهمية الرحمة والشفقة بالأطفال والعطف عليهم.

مشاعر يفتقدها كثير من الآباء في هذا الزمن، تأخذهم مشاغل الحياة عن مداعبة أطفالهم والسؤال عن أحوالهم، وكثيرون يظنون أن الأموال هي التي يمكن أن تجلب السعادة للأطفال، وهذا من الخطأ، لأن الطفل لديه مشاعر أرق من الكبار، هو يريد من أبيه أن يظهر حبه له في كل المواقف، وأن يسأله عن تفاصيل دقيقة، وألا يشعر بأنه مجرد كم مهمل. مهما كانت مشاغلك، وضغوط وأعباء الحياة، اقتطع وقتًا لأولادك يسمح لك بأن تكون قريبًا منهم، صادقهم، اسألهم عن أصحابهم، العب معهم، لا مانع في أن تعود طفلاً صغيرًا معهم، وهذا ليس مما يقلل من شأنك، ولا يسيء إلى صورتك، فمن لا يرحم لا يُرحم، والرحمة بالأطفال أوجب، لا تقسوا حتى لا يخرج أطفالكم قساة جبابر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *