“ما حكم نبش جثة متوفى لاستخراج عمل.. وما حكم الشخص الذي يخرج هذا.. وهل الشخص الذي يغعل هذا الأمر ويضعه في الجثة عليه حرمانية أشد من الشخص الذي يضع هذا العمل بالخارج؟”.
السؤال السابق عرضه مصراوي على الشيخ أبو اليزيد سلامة الباحث الشرعي بمشيخة الأزهر الشريف، الذي أوضح الرأي الشرعي في تلك المسألة، قائلًا: هناك بوادر مشكلة جديدة في السنوات العشر الأخيرة نستطيع أن نسميها بالدجل الإلكتروني، التي تحاول أن تصل إلى حد الظاهرة؛ وتقوم على بيع الوهم للبسطاء واستغلال ضعف الوازع الديني عند البعض، والجهل عند البعض الآخر، فتقوم فئات بالترويج لنفسها على أن هناك أخطارًا غيبية تحيط بالناس وأنهم هم فقط القادرون على حماية الحمى ومقاومة هذا الخطر المزعوم، لكن أسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا شر هؤلاء وأشباههم.
وأضاف سلامة، في رده لمصراوي: للقبور حرمة عظيمة في شريعتنا الغراء فلا يجوز الاعتداء عليها بحال من الأحوال، ولا يجوز نبشها وإخراج ما فيها إلا لضرورة قصوى، كما إذا دفن الميت في غير أرضه بغير إذن المالك ولم يرض مالك الأرض بدفن أحد في ملكه، أو تأكدت السلطات المختصة من وجود شبهة جنائية وأرادت استخراج الجثة لمعرفة أسباب الوفاة لتعلق الحقوق بذلك، وما شابه ذلك من الضرورات القصوى التي نص عليها الفقهاء قديمًا مثل من مات دون تغسيل عند الشافعية والحنابلة وقرب دفنه بحيث لم يتغير، أما إن تغير وخُشِيَ عليه الفساد لم يجز نبش القبر لما فيه من انتهاك حرمة الميت، أو ما نص عليه الفقهاء حديثًا من الضرورات الشديدة التي تبيح فتح القبر.
وأوضح الباحث الشرعي، اثناء بيان الرأي الشرعي لقضية نبش القبر لاستخراج الأعمال والسحر وما شابه ذلك، أنه أمر هو محرم شرعًا؛ لأن كل هذه الأمور مظنونة وليست متيقنة ولا يجوز نبش القبر لضرر متوهم وليس متيقنًا، كما أن المؤمن يجب أن يعتقد أن النافع والضار هو الله عز وجل، وأن السحر وإن كان موجودًا إلا أن السحرة ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، وليس استخراج الأوراق السحرية والرموز الغريبة من القبور هو الطريق الأمثل لحل السحر، بل بالعمل والاجتهاد والأدعية النبوية الصحيحة والبحث عن العلل الحقيقة لأي مرض أو هم يصيب الشخص، وما نراه حاليًا على مواقع التواصل الاجتماعي من حملات لتطهير القبور من الأعمال والسحر عن طريق نبش القبور أغلبه دجل وشعوذة وحيل وألاعيب لتضليل الناس وحملهم على ارتكاب المحرمات وانتهاك حرمة القبور بألاعيب جديدة يساعد عليها سيطرة نوع جديد من الأمية الدينية بالأوساط الشعبية؛ استغلالا للبسطاء بالقرى والنجوع، باستخدام هذه الحيل الجديدة للخداع وللترويج لأنفسهم بقدرتهم على فك السحر، وقد قام –والحمد لله- كثير من العقلاء والمتعلمين والمثقفين والعلماء في هذه القرى والنجوع بمقاومة هذه الدعوات المشبوهة.
وعن حكم الشخص الذي يخرج هذه الأعمال من القبور فنصحه الشيخ أبو اليزيد بالتوبة إلى الله إن قام فعلًا بفتح قبر ونبشه لغير ضرورة، لكونه انتهك حرمة القبر والميت.
وأخيرًا قال الباحث الشرعي لمصراوي إننا نتكلم على أن السحر من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم الابتعاد عنه والحذر من ممارسته وتعلمه، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي ﷺرقال: (من أتى عرَّافًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)، وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ قال: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبَل له صلاة أربعين ليلة)، وبالتأكيد لو ثبت أن ساحرًا يقوم بوضع سحر في جثة ميت فإنه قد ارتكب مجموعة من الكبائر المغلظة التي لا يقرها دين ولا قانون ولا عرف ولا عقل منها (السحر _ الشعوذة – انتهاك حرمة القبر – الاعتداء على حرمة الميت – مخالفة القوانين والأحكام) نسأل الله تعالى السلامة.