الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فإن كان المسؤول الذي هو لفلان مما يحبه الله، كالإيمان والعمل الصالح، فالدعاء به مستحب؛ لدخوله في عموم التنافس في الخيرات

الحرص على علو الدرجات، والله تعالى يحب معالي الأمور! والنبي صلى الله عليه وسلم قد حثنا على الغبطة في مثل الأحوال، فقال

صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها

ويعلمها. متفق عليه.

قال ابن حجر: الْحَسَد الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث هُوَ الْغِبْطَة، وَأَطْلَقَ الْحَسَد عَلَيْهَا مَجَازًا، وَهِيَ أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَهُ مِثْل مَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْر أَنْ

يَزُول عَنْهُ، وَالْحِرْص عَلَى هَذَا يُسَمَّى مُنَافَسَة، فَإِنْ كَانَ فِي الطَّاعَة فَهُوَ مَحْمُود، وَمِنْهُ: (فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ)، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْصِيَة

فَهُوَ مَذْمُوم، وَمِنْهُ: “وَلَا تَنَافَسُوا” وَإِنْ كَانَ فِي الْجَائِزَات فَهُوَ مُبَاح، فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيث: لَا غِبْطَة أَعْظَم – أَوْ أَفْضَل – مِنْ الْغِبْطَة فِي

هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ. اهـ.

وقال النووي: الْغِبْطَة إِنْ كَانَتْ مِنْ أُمُور الدُّنْيَا كَانَتْ مُبَاحَة، وَإِنْ كَانَتْ طَاعَة فَهِيَ مُسْتَحَبَّة، وَالْمُرَاد بِالْحَدِيثِ لَا غِبْطَة مَحْبُوبَة إِلَّا فِي

هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا

فإذا كان المقصود مثلا أنك قد رأيت شخصا له علم, أو مال، فقلت: اللهم اجعلني أكثر علما من فلان, أو أكثر مالا، من غير أن تتمنى

زوال تلك النعمة عن فلان.