اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْقَتْل ‌الْعَمْدِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ. إِلَى أَنَّ الْقَتْل ‌الْعَمْدَ هُوَ

الضَّرْبُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ غَيْرِ مُحَدَّدٍ، وَالْمُحَدَّدُ، هُوَ مَا يَقْطَعُ، وَيَدْخُل فِي الْبَدَنِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَأَمْثَالِهِمَا، مِمَّا يُحَدِّدُ وَيَجْرَحُ، وَغَيْرُ الْمُحَدَّدِ هُوَ

مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ حُصُول الزَّهُوقِ بِهِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ كَحَجَرٍ كَبِيرٍ، أَوْ خَشَبَةٍ كَبِيرَةٍ. وَبِهِ قَال النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ وَحَمَّادٌ،

وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَإِسْحَاقُ

.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْقَتْل ‌الْعَمْدَ هُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَ الْمَقْتُول فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ بِآلَةٍ تُفَرِّقُ الأَجْزَاءَ، كَالسَّيْفِ، وَاللِّيطَةِ،

وَالْمَرْوَةِ وَالنَّارِ؛ لأَنَّ ‌الْعَمْدَ فِعْل الْقَلْبِ؛ لأَنَّهُ ‌الْقَصْدُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَاّ بِدَلِيلِهِ، وَهُوَ مُبَاشَرَةُ الآْلَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَتْل عَادَةً. وَهَذَا بِخِلَافِ

الْمُثْقَّل فَلَيْسَ الْقَتْل بِهِ عَمْدًا عِنْدَهُ.

وَأَمَّا حُكْمُهُ: فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ مُوجبَ الْقَتْل الْعَمْدِ بِشُرُوطِهِ: الْقَوَدُ، وَالإِثْمُ، وَحِرْمَانُ الْقَاتِل مِنْ أَنْ يَرِثَ الْقَتِيل.