منذ أن خلق الله تعالى السماوات والأرض، والإنسان يتساءل عن النهاية، ومتى سيأتي يوم القيامة الذي تُطوى فيه السماوات وتنتهي الحياة الدنيا. وقد أنبأنا رسول الله ﷺ بعلامات كثيرة تسبق قيام الساعة، منها علامات كبرى عظيمة تهز الأرض والسماء، ومنها علامات صغرى تظهر تباعًا على مر العصور، لتكون إنذارًا للناس وتذكيرًا لهم بأن الدنيا دار ممر لا دار مقر.
في هذه المقالة سنتناول علامات الساعة الصغرى، وهي العلامات التي حدث بعضها بالفعل، وما زال بعضها الآخر يتكرر أو ينتظر الظهور، لتكون بمثابة إشارات واضحة تذكّر القلوب الغافلة، وتثبت المؤمنين على الطريق الحق.
ما المقصود بعلامات الساعة الصغرى؟
الساعة في اللغة تعني الوقت، وفي الشرع تعني يوم القيامة. أما علامات الساعة الصغرى فهي أحداث وأمور تسبق قيام الساعة، لكنها لا تكون ضخمة وعجيبة كخروج الدابة أو طلوع الشمس من مغربها (وهي من العلامات الكبرى)، وإنما هي مظاهر متكررة تدل على قرب النهاية شيئًا فشيئًا.
تتميز هذه العلامات بأنها:
وقعت بعضُها منذ عهد النبي ﷺ.
ما زال كثير منها يحدث في زماننا.
يشهد الناس تكرارها جيلاً بعد جيل.
أبرز علامات الساعة الصغرى
- بعثة النبي محمد ﷺ
قال النبي ﷺ: “بُعثت أنا والساعة كهاتين”، وأشار بالسبابة والوسطى. وهذا يعني أن بعثة الرسول الكريم أول علامات اقتراب الساعة، لأنه خاتم الأنبياء، ولن يأتي نبي بعده.
- موت النبي ﷺ
وفاة النبي ﷺ من أعظم العلامات الصغرى، إذ بانتهائها انقطع الوحي من السماء، وكان ذلك بداية اقتراب النهاية.
- فتح بيت المقدس
وقد وقع هذا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين فُتح بيت المقدس ودخل المسلمون المسجد الأقصى.
- ظهور الفتن
أخبر النبي ﷺ عن كثرة الفتن، فقال: “تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا”. وقد رأينا هذا جليًا في كثرة الفتن الفكرية والعقائدية، والحروب، والصراعات التي تمزق الأمة.
- كثرة المال وانتشاره
من علامات الساعة الصغرى أن يفيض المال بين الناس حتى لا يجد الغني من يقبل صدقته، وقد تحقق هذا في بعض العصور، وما زالت بوادره تظهر في أماكن متفرقة.
- تضييع الأمانة
قال النبي ﷺ: “إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة”. ومن صور ذلك اليوم كثرة الغش والخيانة وفقدان الثقة بين الناس.
- شرب الخمر واستحلال المعاصي
أخبر الرسول ﷺ أن الخمر سيُشرب بكثرة، ويُسمى بغير اسمه، وهذا ما نراه اليوم في كثير من المجتمعات، حيث تنتشر المعاصي وتُزيَّن للناس.
- قطيعة الأرحام وعقوق الوالدين
من العلامات الصغرى أن يكثر العقوق وتقل صلة الرحم، وهذا مما يضعف تماسك المجتمع ويزيد من تفككه.
- التباهي في البنيان
قال النبي ﷺ: “إذا رأيت الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”. وهو ما نراه اليوم بوضوح في التفاخر بالمباني العالية والعمارات الشاهقة.
- ظهور الكاسيات العاريات
من العلامات التي أخبر بها الرسول ﷺ: “نساء كاسيات عاريات”، أي يلبسن لباسًا لا يستر أجسادهن حقيقة، وهذا منتشر بكثرة في زمننا.
- انتشار القتل
قال النبي ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج”. قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: “القتل القتل”. وقد صار القتل شائعًا بغير حق في كثير من البلدان.
- تقارب الزمان
من العلامات أن يشعر الناس بسرعة مرور الوقت، فلا تكاد السنة تمر حتى يظنها المرء كالشهر، وهذا ما نشعر به اليوم بوضوح.
- كثرة الزلازل والكوارث
أخبر النبي ﷺ أن الزلازل ستكثر، وقد صار العالم يشهد منها أعدادًا متزايدة.
- ضياع العلم بقبض العلماء
من العلامات أن يُقبض العلم بموت العلماء الربانيين، ويكثر الجهل في الناس.
- ظهور مدّعي النبوة
أخبر الرسول ﷺ أن كذّابين سيظهرون يدّعون النبوة، وقد ظهر كثير منهم عبر التاريخ.
الحكمة من ظهور علامات الساعة الصغرى
ليست هذه العلامات مجرد أحداث تاريخية، بل هي رسائل من الله لعباده:
تذكير بأن الدنيا قصيرة مهما طالت.
دعوة للاستعداد للآخرة بالعمل الصالح.
تثبيت للمؤمنين على دينهم.
إنذار للغافلين كي يرجعوا إلى الله.
موقف المسلم تجاه هذه العلامات
المسلم الحقيقي لا ينشغل بعدّ العلامات وحصرها فقط، بل يجعلها دافعًا للإصلاح، ومن ذلك:
التوبة الصادقة من الذنوب.
الإكثار من الطاعات كالصلوات والصدقات.
طلب العلم الشرعي حتى يثبت على الحق.
الابتعاد عن الفتن ما استطاع.
الدعاء لله بالثبات على الدين حتى الممات.
خاتمة
إن علامات الساعة الصغرى ليست مجرد أحداث ماضية أو قادمة، بل هي رسائل متجددة تنبه الإنسان لئلا يغرق في الدنيا وينسى الآخرة. فلنستفد منها في تقوية إيماننا، ولنكن على يقين أن كل يوم يمر يقرّبنا من النهاية، وأن الفوز الحقيقي هو في لقاء الله بقلوب سليمة وأعمال صالحة.
tslia.com – تذكيرك بدينك هو طريقك إلى سعادة الدنيا والآخرة. ابقَ قريبًا من ربك ولا تنسَ أن الاستعداد للآخرة يبدأ من الآن.