منذ بداية الخليقة والإنسان يسير في رحلة مليئة بالتجارب والاختبارات، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم، كما بيّن لنا رسول الله ﷺ، أن لهذه الحياة نهاية محددة، وأن هناك يومًا عظيمًا يُحاسب فيه العباد على أعمالهم. وهذا اليوم هو يوم القيامة، الذي تسبقه علامات وأشراط تدل على اقترابه. وتنقسم علامات الساعة إلى صغرى وكبرى، ولكل منهما دلالاته الخاصة، غير أن العلامات الصغرى قد وقعت الكثير منها بالفعل، وما زال بعضها قائمًا يتكرر في حياتنا اليومية.
ما هي علامات الساعة الصغرى؟
العلامات الصغرى هي الأحداث التي أخبر بها النبي ﷺ وتسبق قيام الساعة بمدة طويلة، وقد ظهر منها الكثير منذ عهد الرسول وحتى يومنا هذا، وهي بمثابة إنذارات متكررة للبشرية كي تعود إلى الله وتتوب عن الذنوب. وتتميز هذه العلامات بأنها قد تقع متفرقة، ويظهر الكثير منها قبل العلامات الكبرى التي تُعدّ إيذانًا باقتراب النهاية الحقيقية.
أولى العلامات: بعثة النبي محمد ﷺ
من أبرز العلامات الصغرى التي تحققت بالفعل بعثة النبي محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين. فقد جاء في الحديث الشريف قوله ﷺ: “بُعثت أنا والساعة كهاتين” وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، أي أن بعثته كانت أول دلائل اقتراب الساعة.
انتشار الفتن
الفتن من العلامات التي أخبرنا بها النبي ﷺ، فهي تظهر بين الحين والآخر لتختبر إيمان الناس. وقد نرى في عصرنا الحاضر الكثير من صور الفتن مثل انتشار الشبهات، والاختلافات بين المسلمين، والابتعاد عن تعاليم الدين.
كثرة المال والاستغناء عن الصدقة
من العلامات التي ذكرت في الأحاديث أن يأتي زمان يكثر فيه المال حتى لا يجد الإنسان من يقبل صدقته. وهذا تحقق في بعض فترات التاريخ الإسلامي، وما زلنا نرى في أيامنا هذه بوادر ذلك مع اتساع الرخاء الاقتصادي في بعض المجتمعات.
تضييع الأمانة وظهور الغش
قال النبي ﷺ: “إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة”، فسُئل: كيف إضاعتها؟ قال: “إذا وُسّد الأمر إلى غير أهله”. نرى هذا جليًا في حياتنا المعاصرة، حيث أصبح بعض المسؤولين لا يؤدون حقوق الناس، وانتشر الغش والخيانة في المعاملات.
عقوق الوالدين وقطع الأرحام
من العلامات الصغرى المؤلمة انتشار عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام، وهو ما نشهده في مجتمعاتنا اليوم مع ضعف صلة الأبناء بآبائهم، وانشغال الناس بماديات الحياة.
ظهور الكاسيات العاريات
أخبر النبي ﷺ عن ظهور نساء “كاسيات عاريات” أي يلبسن ملابس لكنها لا تستر أجسادهن، وهذا نراه بوضوح في زماننا من خلال انتشار اللباس الفاضح وتبرج النساء في وسائل الإعلام والطرقات.
التباهي في تشييد المباني
من العلامات التي أخبرنا بها رسول الله ﷺ: “أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”. وهذا تحقق بالفعل في عصرنا حيث نرى سباق الدول والأفراد في بناء الأبراج الشاهقة والقصور الفخمة.
انتشار المعازف والخمور
ورد في الأحاديث أن من علامات الساعة الصغرى انتشار شرب الخمر وسماع المعازف. واليوم نرى الخمور متاحة في بعض البلاد علنًا، والموسيقى أصبحت جزءًا من حياة الناس حتى كادت تغطي على ذكر الله.
قبض العلم وظهور الجهل
من العلامات كذلك أن يُقبض العلم بموت العلماء، ويظهر الجهل بين الناس. وهذا مشاهد في زماننا حيث يقلّ العلماء الربانيون ويكثر دعاة الفتن.
شيوع القتل وكثرة الزلازل
من أخطر العلامات التي نراها اليوم كثرة القتل بغير حق، سواء بالحروب أو الجرائم أو الإرهاب. كما نشهد كثرة الزلازل والكوارث الطبيعية في أنحاء مختلفة من العالم، وكلها دلائل واضحة لما أخبر به النبي ﷺ.
زخرفة المساجد والمبالغة في بنائها
جاء في الحديث: “لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد”. فنرى اليوم اهتمامًا بالمظاهر في بناء المساجد من زخارف وتكاليف هائلة، بينما قد يُغفل جانب العبادة والخشوع.
ضياع الوقت والتسارع في الزمن
قال النبي ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان”، أي يمرّ بسرعة. وهذا نلاحظه بوضوح، حيث يشعر الناس أن السنوات تمرّ كالأيام.
الحكمة من ظهور علامات الساعة الصغرى
قد يتساءل البعض: ما الحكمة من إخبارنا بهذه العلامات؟ والجواب أن الهدف منها هو تذكيرنا دومًا بأن الحياة فانية، وأن على الإنسان أن يستعدّ ليوم القيامة بالعمل الصالح. كما أن ظهور هذه العلامات يجعل المؤمن أكثر وعيًا بخطورة الغفلة والانشغال بالدنيا.
خاتمة
علامات الساعة الصغرى كثيرة وقد تحقق منها الكثير بالفعل، وهي إشارات ربانية كي نعود إلى الله ونستقيم على طاعته قبل فوات الأوان. وعلى المسلم أن يعتبر بكل علامة يشاهدها في حياته، وألا يغفل عن الاستعداد ليوم الحساب.
تذكّر دائمًا: الحياة قصيرة، فاغتنم وقتك في طاعة الله.
زر موقعنا: tslia.com لتجد المزيد من المقالات التي تنير طريقك نحو الحق.