يُعَدّ الحج خامس أركان الإسلام، وهو عبادة عظيمة تجمع بين الطاعة الجسدية والروحانية العميقة، حيث يقف المسلم بين يدي الله تعالى متجردًا من الدنيا وزينتها، متساويًا مع إخوانه من شتى بقاع الأرض. ومناسك الحج ليست مجرد شعائر تؤدى، بل هي رحلة قلبية تعيد للمؤمن صفاءه الروحي وتقرّبه من خالقه. في هذا المقال سنأخذك في جولة توضيحية حول كيفية أداء مناسك الحج بالتفصيل، لتكون دليلك في هذه العبادة العظيمة.
أولًا: الإحرام – بداية الرحلة
يبدأ الحج بالإحرام من الميقات الذي حدده النبي ﷺ، حيث يغتسل المسلم ويتطيب في بدنه، ثم يرتدي ملابس الإحرام:
للرجال: إزار ورداء أبيضين غير مخيطين.
للنساء: ملابس فضفاضة ساترة بلا زينة.
بعدها ينوي الحاج الدخول في النسك (حج التمتع أو القران أو الإفراد)، ويقول: “لبيك اللهم حجًا”. ومن تلك اللحظة يُحرَّم عليه بعض الأمور كالطيب، وقص الشعر أو الأظافر، والصيد.
ثانيًا: الوصول إلى مكة والطواف
حين يصل الحاج إلى مكة المكرمة، أول ما يقوم به هو طواف القدوم سبع مرات حول الكعبة، مبتدئًا بالحجر الأسود ومنتهيًا به. ويستحب أن يستلم الحجر بيده إن تيسر، أو يشير إليه عن بُعد. بعد الطواف يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم إن أمكن.
ثالثًا: السعي بين الصفا والمروة
بعد الطواف، يتوجه الحاج إلى المسعى ليؤدي السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، اقتداءً بسعي أمنا هاجر بحثًا عن الماء لابنها إسماعيل عليه السلام.
رابعًا: يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)
في هذا اليوم يتوجه الحاج إلى منى ملبّيًا، ويصلي فيها الصلوات قصراً دون جمع، استعدادًا ليوم عرفة.
خامسًا: الوقوف بعرفة (التاسع من ذي الحجة)
يوم عرفة هو ركن الحج الأعظم، حيث يقف الحاج في صعيد عرفات من زوال الشمس حتى غروبها، يرفع يديه بالدعاء والتضرع، ويكثر من الذكر. قال ﷺ: “الحج عرفة”.
سادسًا: المبيت بمزدلفة
بعد غروب شمس يوم عرفة، ينطلق الحاج إلى مزدلفة، حيث يصلي المغرب والعشاء جمعًا، ويبيت ليلته هناك، ويجمع حصى الجمرات.
سابعًا: رمي جمرة العقبة الكبرى
في صباح يوم النحر (العاشر من ذي الحجة)، يتوجه الحاج إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات، مكبرًا مع كل حصاة.
ثامنًا: ذبح الهدي والحلق أو التقصير
بعد رمي جمرة العقبة، يذبح الحاج هديه إن كان متمتعًا أو قارناً، ثم يحلق رأسه أو يقصر شعره، والمرأة تقص جزءًا يسيرًا من شعرها. بذلك يتحلل التحلل الأصغر، ويُباح له ما حُرِّم عليه إلا النساء.
تاسعًا: طواف الإفاضة والسعي
يتوجه الحاج إلى مكة ليؤدي طواف الإفاضة وهو ركن أساسي، ثم يسعى بين الصفا والمروة مرة أخرى إن كان متمتعًا. وبعده يتحلل التحلل الأكبر.
عاشرًا: أيام التشريق
يقيم الحاج في منى أيام التشريق (11 و12 و13 ذي الحجة)، حيث يرمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال: الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى. ويجوز له التعجل في اليوم الثاني عشر.
أخيرًا: طواف الوداع
قبل مغادرة مكة، يؤدي الحاج طواف الوداع سبعًا حول الكعبة مودعًا بيت الله الحرام، وبذلك يكون قد أتم مناسك الحج.
خاتمة
الحج ليس مجرد رحلة جسدية، بل هو ولادة جديدة للروح، وفرصة لمغفرة الذنوب وفتح صفحة بيضاء مع الله. من وفقه الله لهذه العبادة العظيمة فقد نال شرفًا عظيمًا وفضلًا كبيرًا.
💡 زر موقعنا tslia.com لتجد المزيد من المقالات الإسلامية التي تعينك على فهم دينك والاقتراب من ربك. اجعل رحلتك مع الله عامرة بالخير والطمأنينة.