قصة إبليس: من الطاعة إلى اللعنة الأبدية

من أعجب القصص التي يذكرها القرآن الكريم هي قصة إبليس، التي تحمل في طياتها دروسًا عظيمة للبشرية. لم يكن إبليس مخلوقًا عاديًا، فقد عاش في صفوف الملائكة يعبد الله مع الراكعين والساجدين، لكنه بسقوطه في فخ الغرور والحسد تحوّل إلى رمز التمرّد والعصيان.

أصل إبليس ومكانته

إبليس لم يكن من الملائكة، بل كان من الجن. قال الله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50]. لكنه بسبب كثرة عبادته وطاعته رفعه الله حتى صار في منزلة قريبة من الملائكة، حتى جاء الامتحان العظيم.

أمر السجود لآدم

حين خلق الله آدم بيديه، أمر الملائكة بالسجود له تكريمًا لا عبادة، فسجد الجميع إلا إبليس، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34]. كان هذا الموقف بداية الانهيار الحقيقي لإبليس، حيث سيطر عليه الكبر وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} [الأعراف: 12].

لعنة الله على إبليس

بعصيانه، استحق إبليس الطرد من رحمة الله، قال تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ} [الحجر: 34-35]. ومنذ ذلك الوقت صار إبليس عدوًا لبني آدم، يسعى لإغوائهم وإبعادهم عن طريق الحق.

خطط إبليس لإغواء البشر

إبليس أقسم أن يغوي بني آدم بكل وسيلة، قال: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 16-17].

أبرز وسائل إبليس في الإغواء:

  1. تزيين المعاصي: فيجعل الحرام مرغوبًا.
  2. إشعال الحسد والبغضاء: بين الإخوة والأقارب.
  3. إشغال الناس بالدنيا: حتى ينسوا ذكر الله.
  4. التدرج في المعصية: يبدأ بالصغائر حتى يصل بالإنسان إلى الكبائر.

دروس من قصة إبليس

  1. الغرور سبب السقوط: فقد خسر إبليس مكانته بسبب استكباره.
  2. الحسد مهلكة: حسد إبليس لآدم كان بداية هلاكه.
  3. الطاعة الحقيقية: لا تكفي العبادة بلا خضوع وخشوع لله.
  4. عداوة أزلية: على المسلم أن يدرك أن إبليس عدو دائم لا يمل ولا يكل.

كيف ننتصر على إبليس؟

التمسك بذكر الله: فالذكر يطرد الشيطان.

الاستعاذة بالله: كما في قول الله: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200].

قراءة القرآن: خاصة سورة البقرة، فهي حصن من الشيطان.

الصلاة والعبادة: فهي درع واقٍ يحمي الإنسان من وساوسه.

خاتمة

قصة إبليس ليست مجرد رواية تاريخية، بل هي تحذير دائم لكل إنسان من خطر الكبر والحسد والعصيان. فعداوة إبليس باقية حتى يوم القيامة، ولا نجاة منها إلا بالاعتصام بالله وطاعته. فلنكن من الذين قال الله فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42].

✦ للمزيد من المقالات الإسلامية الهادفة تفضل بزيارة: tslia.com

إبليس #الشيطان #الإسلام #القرآن #الطاعة #المعصية #tslia

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *